لا يوجد ضمان لمدة استمرارية الحياة الزوجية. فقد يختلف الزوجان بعد شهر، وربما بعد سنة، وأحيانا بعد عشرين سنة..
وقد يموت الزوج أو الزوجة فتنتهي بذلك الحياة الزوجية تماما..
بالنسبة للرجل لا توجد مشكلة! فلا تكاد تمر سنة واحدة، وربما أقل، على وفاة الزوجة حتى يبدأ تفكيره الفعلي بالزواج من أخرى، باعتباره رجل ولا يستطيع الصبر على إلحاح رغبته الجنسية! ولا يستطيع أيضا القيام بمهام البيت من غسيل ومسح وطبخ! وقد يكون لديه أولاد.. إذا هم بحاجة ماسة إلى أم بديلة تربيهم! وغالبا ما تكون هذه الأم عبئا يضاف على عاتق الزوج والأولاد..
إنما هكذا شرّع المجتمع: لا يجوز أن يبقى الرجل بلا زواج! وتبدأ رحلة الإلحاح عليه من قبل نساء العائلة: الأم والأخت.. والجميع مشفقين عليه من الوحدة والكبت الجنسي!
إنما لو توفي الزوج مثلاً.. فما هو الوضع وقتها؟!
ستبدأ العائلة بالاتجاه المعاكس.. أي ستؤكد أن على المرأة الصبر والرضاء بقدرها! فقد امتحن الله صبرها بفقد معيلها وزوجها! ولا يجوز إحضار رجل غريب لأولادها!
وماذا سيقول المجتمع عنها إن هي تزوجت؟
سيُشار إليها بالبنان ويقال: لم يمض على وفاة زوجها سنوات حتى تزوجت! إلى ما هنالك من تعليقات. متناسين حاجة المرأة للرعاية والحب والجنس، والى وجود شريك في حياتها يساعدها في كل أمور الحياة..
لكن المجتمع يفرض عليها البقاء دون زواج لتظهر بمظهر المرأة المضحية لأجل أولادها! وهكذا تقضي شبابها أسيرة مفاهيم مجتمع لم يطبّق في أفكاره لا تعاليم الدين الذي حلل لها الزواج مرات عدة، كما فعلت أمهات المسلمين، ولا الشرع الذي شرّع لها الزواج مرات عدة باعتبارها إنساناً كامل الحقوق!
أم إذا تمردت المرأة على الأعراف والمفاهيم المغلوطة وقررت الزواج، فسيقف لها القانون بالمرصاد! إذ لا يحق للمرأة التي تتزوج بغير قريبٍ أن تحضن أولادها! بل تنتقل حضانتهم، حسب الأصول، لمن يليها في المرتبة! لأن زوج الأم رجل "غريب" لا يجوز أن يعيش الأطفال بكنفه!! بينما زوجة الأب "قريبة" ومن الواجب وجودهم معها!
أليست تلك ازدواجية في المعايير؟
لماذا تحرم المرأة من حقوقها الشرعية التي توهب للرجل بكل كرم ومودة؟!
كثيرة هي الحالات التي شاهدتها في المجتمع. إذ يتوفى الزوج بينما المرأة ما تزال صغيرة السن.. وخوفا من الأقاويل ومن أخذ أولادها منها، تبقى دون زواجٍ لتلاحقها الشائعات وتطالها التهم من نساء خائفاتٍ على أزواجهن من امرأة أرملة أو مطلقة!!
لماذا لا يخرج المجتمع من القوالب القديمة التي وضع نفسه فيها؟! ويتحرر من ازدواجيته للمعايير؟!
ألا يحق للمرأة المطلقة أو الأرملة أن تحبّ وتتزوج وتمارس حياتها الطبيعية بعد غياب الرجل الأول عن حياتها؟
وفي أي تشريعٍ أو قانون أو دين تحدد صلاحية المرأة بزواج واحد؟
علينا إذاً السعي معا للخروج من قمقم العادات والتقاليد الفاسدة، وإطلاق حرية المرأة كما الرجل تماما.. إن أرادت تزوجت، وإلا فلتبقى بإرادتها مع أولادها.. وعلينا السعي لتغيير القوانين التي تحرم المرأة من حق حضانة أولادها في حال زواجها، لأن تلك القوانين هي من الأسباب الرئيسية في إحجام المرأة عن الزواج الثاني..
(زلزال الموت)