السياسة ليست كأي عمل آخر
03/04/2008 - عدد القراءات 177
السياسة ليست كأي عمل آخر
السياسة ليست كأي عمل آخر، فالسياسي إذا استقال لا يذهب في إجازة، الى كابري مثلاً، وإنما يتضاعف عمله. وبما ان الحكومة الكويتية استقالت والأمير حل البرلمان فإن رئيس الوزراء المستقيل الشيخ ناصر محمد الأحمد الصباح يعمل من الثامنة صباحاً حتى ما بعد العاشرة ليلاً، مع استراحة للغداء، أما الأخ جاسم الخرافي، فزاد عمله أضعافاً، وقد تحول من رئيس برلمان الى مرشح للبرلمان.
كنت ذهبت الى الكويت للمشاركة في مؤتمر لمؤسسة البابطين عن دور الميديا في الحوار بين العرب والغرب، وبما ان أخانا عبدالعزيز البابطين طموح فقد تزامن المؤتمر مع القمة العربية في دمشق، ربما لخطف الأضواء منها، فكان ان وصلتُ الى الكويت والأمير الشيخ صباح الأحمد ووزير الخارجية الشيخ الدكتور محمد الصباح في سورية، ثم تركيا، مع انه كان لي مع الدكتور محمد اتفاق شفهي بالاجتماع في الكويت عقدناه في واشنطن، وأبرمناه في لندن بحضور شهود عدول.
عوضتني عن غياب الأمير والوزير جلسات مع الشيخ ناصر محمد الأحمد والسيد جاسم الخرافي وأيضاً الشيخ صباح بن خالد الحمد الصباح، وزير الإعلام، ومعهم الأصدقاء من مؤسسة البابطين والمشاركون في المؤتمر.
الشيخ ناصر دعاني مشكوراً الى غداء في دارته العامرة بأهلها، وكان كريماً فاقترح ان أدعو من الأصدقاء المشاركين في مؤتمر مؤسسة البابطين من اريد، ودعوت عدداً من الزملاء ما وفّر علي نقداً نادراً جداً لو دعوتهم بنفسي. والمهم حديث السياسة مع رئيس الوزراء، فذهبت الى مكتبه في رئاسة الوزارة لسؤاله عن أحوال الكويت والعرب والعالم، قبل ان ننضم الى الجميع في بيته.
كان هناك من الحديث ما لا يصلح للنشر فوراً، ولكن أكثره تزامن مع إلقاء الأمير الشيخ صباح الأحمد الصباح خطابه في القمة العربية في دمشق، ووجدنا الأجوبة في كلام الأمير. وسألت الشيخ ناصر ماذا سيحدث لو أجريت الانتخابات النيابية وعاد البرلمان بجميع اعضائه كما كان، وبتلك القلة من الأعضاء الذين لا يفهمون من اللعبة البرلمانية الديموقراطية سوى عرقلتها. وهو قال انه مستعد للتعاون مع جميع الأعضاء بروح الأخوة والمسؤولية، كما فعل دائماً.
أعتقد بأن هذا جواب ديبلوماسي، أو الجواب المتوقع من رئيس الوزراء، لأنني عندما سألت صديقاً كويتياً هو صحافي معروف، كان رده عن السؤال نفسه ما معناه «قطع لسانك» فالبرلمان الأخير أثار مشاكل على قضايا بعضها ثانوي فيما كانت البلاد والمنطقة تمر بعاصفة ولا تزال، وعرقل إقرار إصلاحات مطلوبة.
الصحافي الصديق قال ان عضوية البرلمان الكويتي تتغير بحوالى 50 في المئة مع كل انتخاب، وبما ان النظام الانتخابي تغير من 25 دائرة، كما في الانتخابات الأخيرة، الى خمس دوائر في انتخابات 17/5 المقبلة، فإنه يتوقع ان يتغير اكثر من نصف الأعضاء، خصوصاً ان بعض الأعضاء الحاليين أعلن عزوفه عن الترشيح مرة اخرى.
عندما كنت في مصر قبل شهر كان كل حديث سياسي أو اجتماعي ينتهي بموضوع التوريث. وفي الكويت هذا الأسبوع كان كل حديث ينتهي بالانتخابات. وفي حين انه لا يمكن ان أعرف عن انتخابات الكويت أكثر من أهلها، فإن الجهل لم يمنع يوماً صحافياً عربياً من الإدلاء بدلوه بين الدلاء، وتحدثت كأنني خبير.
الحديث الأهم مع رئيس الوزراء ورئيس البرلمان ووزير الإعلام كان عن الاقتصاد، والكويت حكومة (وشعباً) كانت دائماً رائدة في مجالاته المحلية، وعالمياً عندما استثمرت في شركتي مرسيدس وبي بي (البريطانية للنفط)، وغيرهما.
الشيخ ناصر كان متحمساً للقمة الاقتصادية العربية التي ستستضيفها الكويت مطلع السنة المقبلة، وهو شرح ما ترجو الكويت لنفسها وللعرب. والشيخ صباح بن خالد زاد متحدثاً عن القمة الاقتصادية للدول الإسلامية في الكويت هذا الشهر الذي سيشهد اجتماع دول جوار العراق مع مجموعة الثماني في الكويت ايضاً. والأخ جاسم الخرافي قال يرجو ان تتناول القمة الاقتصادية ما يفيد العرب ويجمعهم، لا ما يسبب الخلافات والفرقة.
والأخ جاسم راجع معي أيامه والعائلة في لبنان، وتحدثنا عن البحر والجبل، وبحمدون، والكويتيون كل صيف فيها، والعرب معهم وفي كل مكان، والخدمات التي يتفوّق فيها اللبنانيون. وحكيتُ له كيف طلبت من خدمة الغرف في الفندق شيئاً ليس على قائمة الطعام فأتوا لي به. وهو قال إنه طلب يوماً قميصاً بكمين قصيرين، ووجده عند بائع لبناني بكمين طويلين، وقال له البائع، لا مشكلة، وعاد بعد نصف ساعة ليجد القميص وقد قُصَّ الكمان ليصبح كما يريد.
أين نحن اليوم في لبنان من تلك الأيام. الكويتيون وكل العرب يحبون لبنان وبقي أن يحبه أهله. وللحديث هذا بقية بعد أيام.
اخوكم(زلزال امير الدهاء)